Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124

لم يكن المنخفض الجوي الأخير مجرد عاصفة مطرية ضربت قطاع غزة، بل كان امتحانًا أخلاقيًا قاسيًا كشف الفارق بين من بادر لإنقاذ الناس، ومن بادر لاستثمار معاناتهم. ففي مخيمات النزوح، حيث اختلطت مياه الأمطار بالوحل والبرد، ظهر وجهان متناقضان للعمل الإنساني: مبادرون عملوا بصمت، وآخرون صنعوا من الألم مادة دعائية.
كارثة فوق كارثة
مع ساعات المطر الأولى، غرقت مئات الخيام، خصوصًا في مناطق الشمال والوسط، واضطر نازحون إلى قضاء الليل واقفين أو فوق أكياس رمل خشية الغرق. غياب شبكات تصريف المياه، وانعدام مواد التدفئة، جعلا المنخفض الجوي تهديدًا مباشرًا للحياة، لا سيما للأطفال وكبار السن.
في تلك اللحظات، لم تكن المنظمات الدولية حاضرة بالقدر الكافي، ما دفع السكان للاعتماد على المبادرات المحلية.
الإنسانية أمام الكاميرا فقط
في المقابل، تصاعد نشاط ما بات يُعرف محليًا بـ*“المبادرين غير الحقيقيين”*. صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي سارعت لنشر مناشدات عاجلة، مرفقة بصور مؤثرة لأطفال في البرد، وعبارات تستدر العاطفة، بهدف جمع التبرعات.
لكن على الأرض، لم يظهر أثر يتناسب مع حجم الحملات. سكان في أكثر من مخيم أكدوا أن بعض الجهات حضرت بعد انتهاء المنخفض، لتصوير مشاهد محدودة أو توزيع مساعدات رمزية أمام الكاميرات، ثم غادرت.
يقول نازح من مدينة غزة:
“استُخدمت صور أطفالنا لجمع الأموال، لكن لم يصلنا شيء”.
التلاعب بالمشاعر… تجارة في الألم
ما هو أخطر من التقصير، هو استغلال المشاعر الإنسانية فقد رُصدت حملات إلكترونية تعتمد على لغة صادمة وصور قاسية دون توضيح آليات الصرف أو الجهات المستفيدة. هذا الأسلوب، وفق مختصين، لا يهدف للاستجابة الطارئة بقدر ما يسعى لبناء حضور رقمي أو تحقيق مكاسب شخصية.
غياب الرقابة… الباب المفتوح للاستغلال
المنخفض الجوي أعاد طرح سؤال قديم جديد: من يراقب العمل الإنساني المحلي؟ لا توجد جهة موحدة لتنظيم المبادرات، ولا قواعد واضحة لجمع التبرعات، ما سمح بظهور مبادرات وهمية أو ضعيفة التأثير.
هذا الواقع أضر بالمبادرين الحقيقيين أيضًا، إذ بات السكان يشككون في أي نداء إنساني جديد، حتى لو كان صادقًا.
ضحايا مرتين
النازحون في غزة كانوا ضحايا للطقس أولًا، ثم لخذلان بعض من ادعوا مساعدتهم. فبينما انتظر الناس بطانيات أو مواد عازلة، كانوا يشاهدون صورهم تنتشر على الإنترنت دون مقابل إنساني حقيقي