هيما بربخ.. من ناشط يصرخ بالفقر إلى متهم يسبح في أموال التبرعات

في واحدة من أكثر القضايا التي أثارت غضب الشارع الغزّي خلال الأيام الأخيرة، انفجرت موجة اتهامات ضد الناشط المعروف في حملات جمع التبرعات هيما بربخ، بعد اعتقاله قبل يومين داخل مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، حيث جرى — وفق مصادر متطابقة — مصادرة مبلغ 40 ألف دولار كان بحوزته داخل أحد المكاتب التابعة لعصابات حماس داخل المستشفى.

ظاهرة هيما بربخ؛ تفتح بابًا واسعًا للأسئلة حول مسار أموال التبرعات، وحول كيفية تحوّل شخص كان يشتكي الجوع والفقر إلى صاحب أموال وسيارات حديثة خلال فترة وجيزة.

بدأت القصة من منشوراتٍ تحذيرية ظهرت تباعًا على منصات التواصل، تتحدث عن سلوكيات مريبة مارسها بربخ خلال الشهور الماضية، وتُشير إلى وجود ثروة ضخمة لا تتناسب مع وضعه الذي كان يعلنه باستمرار أمام الجمهور. تداول النشطاء صورًا وتعليقات تسجل شراءه جيب حديث قبل فترة قصيرة، رغم أنه كان يخرج في بثوث مباشرة يتحدث فيها عن حاجته وقلة ذات اليد.

الأدهى من ذلك، أن بربخ نفسه ظهر في أحد البثوث يعترف بأنه كان يدخّن خلال الحرب بينما كانت أسعار علبة السجائر تصل إلى ألف دولار في السوق السوداء. هذا الاعتراف أثار موجة غضب واسعة، لأن الجمهور رأى فيه إقرارًا صريحًا بإساءة استخدام أموال التبرعات، فالتدخين في وقت يعجز فيه المرضى عن شراء العلاج والغذاء ليس مجرد تصرف مستفز، بل خيانة للأمانة، وإساءة مباشرة لكرامة الناس الذين تبرعوا من قوتهم وتحمّلوا الفقر في سبيل دعم سكان غزة.

وتؤكد مصادر خاصة أن جزءًا من الأموال التي جرى جمعها لم تُستخدم في الإغاثة، بل جرى تحويلها إلى أوروبا حيث يقيم بعض أقرباء بربخ. هذه المعلومات باتت جزءًا من الصورة السوداء التي تشكلت حوله.

وتكشف متابعات روّاد الصفحات المفتوحة على مواقع التواصل تعليقات غاضبة تؤكد أن بربخ كان يتصرّف مع المحتاجين بطريقة فظة، تصل إلى حد الإهانة، ويستعرض أمامهم أنه “صاحب الفضل” في مساعدتهم، وهو سلوك وصفه مواطنون بأنه خيانة لشرف الشعب قبل أن يكون تجاوزًا أخلاقيًا. فالمسّ بكرامة الناس — مقابل مساعدات جاءت من دموع المتبرعين — يُعد في نظر الجمهور أخطر من سرقة المال نفسه.

ما زاد الطين بلّة أن كل هذه السلوكيات جاءت من شخص لم يكن معروفًا بالثراء، بل ظلّ لسنوات يقدّم نفسه باعتباره ضحية الفقر والظلم. هذا التحول السريع — من شكاوى الجوع إلى امتلاك سيارات حديثة وأموال نقدية ضخمة — عزز الشكوك حول طبيعة الأموال التي أدخلته عالم الرفاهية المفاجئة.

هذه التقاصيل الصادمة تمسّ الثقة الشعبية في منظومة التبرعات، وتستدعي فتح تحقيق شامل في كل التحويلات والأنشطة المالية المرتبطة به. فشعبٌ يعيش تحت نيران الحرب والحصار لا يمكن أن يقبل بأن يتحول التبرع — فعل الرحمة — إلى بوابة إثراء مشبوه على حساب الجوعى والمرضى.

إن قضية هيما بربخ، بما فيها من اعترافات علنية وتصرفات مريبة وتحوّل مالي غير مفسَّر، ليست مجرد قصة فرد، بل جرس إنذار يفرض فرض رقابة صارمة وشفافة على أي جهة أو فرد يجمع التبرعات باسم غزة، حتى لا يستمر العبث بالأمانات، ولا تتكرر مأساة الخداع التي جُرح بها الرأي العام خلال الأيام الماضية.

Leave a Reply